شبكة فيسبوك الاجتماعية

فيسبوك الذي لم يعد يعرف مايريد!

لم تكن بدايات فيسبوك كما هو عليه الآن، لا تقنياً ولا كنموذج عمل، ولا كشكل وتصميم وتجربة استخدام، وهو كسائر أي صناعة تقنية أو غير تقنية، بدأت بشكل معين ثم اتجهت للتطور شيءً فشيء لتأخذ منحاً آخر، لكن هل كان هذا التطور ضمن نطاق محدد؟ السيارات مثلاً كان لها شكل أساس معين ثم تطورت لتصل إلى أشكال حديثة ومواصفات حديثة جداً لكن مع حفاظها على الأساس والآلية.

ما أثبته فيسبوك مع مرور الزمن وتوسع واستحواذه على تطبيقات أن بياناتنا كمستخدمين هي الغذاء الذي يتغذى عليه فيسبوك، يأخذ بياناتنا ويبيع ما نحب وما نكره للمعلنين، وإن أخذنا نظرة أعمق.. يستفيد فيسبوك من بياناتنا بشكل أو بآخر سواءً للمعلنين أو لنفسه.. فالكوكب اليوم كله بات مرتبطاً بفيسبوك وهنا لا أعني فيسبوك (الشبكة الاجتماعية وحدها) فإن كنت لاتعلم فيسبوك تحول لـ (مجموعة شركات) تضم شبكة فيسبوك الاجتماعية، واتساب، إنستغرام.. وهذه الثلاثة تمثل أعظم مصدر حالي للبيانات في وقتنا الراهن وربما للمستقبل، فـ فيسبوك يستثمر بذلك وهذا ما يضمن له نجاح أكبر من خلال بياناتنا على التطبيقات الثلاث.

فيسبوك أصبح بيئة مشتتة

واحدة من الأمور التي ألاحظها كمستخدم أن فيسبوك لم يعد يعرف مايريد.. بالفعل يريد بياناتنا، لكن إن كنت مستخدم تلحظ ذلك فيسبوك لم يعد شبكة اجتماعية بسيطة كما في السابق! شاهد فيسبوك صعود سناب شات وفكرته التي قامت عليها فأخذها بسرقة مباشرة وأدرج الـ Stories، لاحظ فيسبوك كيف يقضي المستخدمين وقتاً اطول على يوتيوب في مشاهدة الفيديوهات فقام بعمل مايشبه يوتيوب داخلي ضمن بيئة التطبيق سماه بـ Watch وفكرته أنك تدخل حلقة مفرغة من مشاهدة الفيديوهات، ما أن ينتهي فيديو حتى يبدأ عرض فيديو آخر فوراً ضمن نافذة Watch..

حتى ما قبل مرحلة الاستحواذ على Whatsapp، لاحظ فيسبوك نمو التطبيق فما كان منه سوى أن فصل الرسائل المدمجة بتطبيق جديد سماه Messenger وأخذ يستنسخ التجربة نفسها لواتساب.. لاحظ فيسبوك كيف تنمو التجارة الإلكتروني فأدرج فكرة المتاجر (مع تكامل مع شوبيفاي)، لاحظ فيسبوك كيف ينمو سوق بيع المستعمل أو مايطلق عليه الإعلانات المبوبة فما تقاعس عن ذلك مطلقاً وأطلق Facebook marketplace!، حتى تطبيق Timehop الذي كان يستورد ذكرياتك ومنشوراتك قام فيسبوك بنسخ فكرته وتضمينها كميزة أصيلة في التطبيق باسم On this day أو Memories.

مع مرور الزمن يبدو أن فيسبوك فقد فكرته التي قام بها وشكل مفهومها (الشبكة الاجتماعية) حتى تحول لما يشبه دكان أو متجر يشاهد جيرانه من المتاجر الأخرى ويقوم باستنساخ وجلب ما يبيعونه.. تخيل أنك تمر من أمام محل لبيع الأسماك وتجده يعرض ورود، وأدوات منزلية وعطورات في واجهة واحدة؟.. فعلياً أصبح فيسبوك كذلك!

والمشكلة أن سرقة فيسبوك للميزات من التطبيقات أو الشبكات الاجتماعية الأخرى هي سرقة غبية، فميزة القصص مثلاً لايكتفي فيسبوك بعرضها ضمن شريط القصص في أعلى واجهة الخلاصات (الـ Newsfeed) بل ويظهرها أيضاً ضمن الخلاصات والمنشورات ويجرب تفاعلك معها.. لا ولتصبح الميزة مائعة أكثر أدمج فيها فيسبوك فكرة التعليق على الـ Storeis و التفاعل معه بشيء مشابه للتفاعل مع المنشورات الأخرى.. ماهذه المياعة!؟.

إقرأ أيضاً:  كيف غير تطبيق إنستغرام مفهوم التصوير؟

لكن حتى لانظلم!.. التطور هو العامل الوحيد للنجاح فموقع مثل ياهو كانت لديه فرصة للتطور مثل فيسبوك لكن في الغالب لم يقم بها أو لم يستجب للتطور بشكل متسارع وبالتالي اندثر!.. لو لم يدخل فيسبوك الكثير من المزايا (ولو بتقليد هل كان لينجح؟) أو بمعنى آخر هل كان ليبقى؟..

بالطبع ليست كل المزايا التي أدخلها فيسبوك أتت أُكلها، فمثلاً حاولت الشركة في فترة سابقة (وتحديداً عند نمو تطبيق فليب بورد أو Flipboard) الذي يجمع الخلاصات الإخبارية ومحتوى الشبكات الاجتماعية في شيء يشبه كتاب أو صفحات نقية وذات تجربة استخدام لطيفة للغاية.. حاول فيسبوك تقليد الفكرة مع تطبيق خارجي أسماه Paper (على ما أذكر الدخول لـ Paper كان بحسابك على فيسبوك مباشرة)، لكن مع مرور الوقت فشل التطبيق وأعلنت شركة فيسبوك عن إيقافه للتركيز على منتجات أخرى.

تجربة المستخدم عامل في النجاح

برأيي أن واحدة من الأمور التي تحكم نجاح معظم الشركات الأمريكية هي تجربة الاستخدام التي صُممت للمستخدم بشكل خاص، وتقبل التطور عليها، خذ على ذلك مثال نيتفليكس، هو تطبيق للترفيه ومشاهدة الأفلام والمسلسلات، وصممت التجربة على هذا الأساس ويتم تطويرها أيضاً على هذا الأساس.. ماذا ياترى لو أدخل نيتفليكس الألعاب إلى جانب المسلسلات (وهو ما يشاع حالياً؟) أعتقد ساعتها سفتقد الخدمة معناها، والأجدر هو طرح المنتج الجديد في خدمة أو اسم جديد أو مستقل بدلاً مع عمل كوكتيل أو مزيج من الخدمات في واجهة واحدة..

المشكلة التي تكمن في فيسبوك أن هي أن محاولة التهام أي تطبيق منافس أو صاعد تجعل منه تطبيق لـ اللاتجربة، فاليوم لم يعد لفيسبوك أي تجربة نقية هو ببساطة خلاصة للأخبار.. ويوتيوب للفيديو، وسنابشات للقصص، ونافذة للدردشة وMy space و و و، والأسوء هو أن خلق هذه التشتت بدا يتسرب نحو تطبيق انستغرام ليجعل منه هو الآخر “تطبيق يفقد معناه النقي الذي سبق وأن اعتدت عليه” (مع العلم أن فيسبوك يختبر إدراج الفيديوهات من Reels إنستغرام إلى خلاصة فيسبوك في المجموعات وغالباً في الفيديو”.

هل يستمر فيسبوك بنجاحه؟

الإجابة على هذا السؤال معقدة إلى حدٍ ما، يمكن القول أن تربع فيسبوك على عرش الشبكات الاجتماعية وحيازته لأعلى عدد من المستخدمين ( وبالتالي أكبر كم من البيانات) سيجعله ناجحاً لأمد طويل، لاسيما مع مصادر البيانات الأخرى مثل واتساب وانستغرام وغيرها، والعامل الذي سيساهم في نجاح فيسبوك باعتقادي هو مدى اقتناع المستخدم ببقائه على المنصة وإمضائه الوقت وهو يقلب بين المحتوى، والإجابة الثانية هي أنه من المحتمل أن هذا التشتت الذي خلقه فيسبوك في منصته سيؤدي بالمستخدم لأن يفضل أن يمضي وقته في تطبيقات أخرى متخصصة مثل ما يحدث الآن مع Tiktok والذي فتح أعين الشركات التقنية الأخرى لا فيسبوك وحسب على فكرة الفيديو القصير وبالتالي سيكون هنالك تسرب بالمستخدمين من الموقع مما يؤدي أيضاً لعدم فعالية الإعلانات وبالتالي خسائر تعود على الشركة وهذا باعتقادي صعب بسبب مكانة فيسبوك الحالية وتطويره المستمر.

 

شارك هذه التدوينة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *