أبواب.. قرأت، شاهدت، وتعلمت!

لا أدري إن كنت سأنحاز لأسلوب التدوين الجديد هذا، لكن الذي أعرفه أن نشوء شبكة مثل mediumهو الذي عزز فكرة التدوين المقطعي أو تقطيع التدوينة لأجزاء بشكل يشبه التقارير الصحفية، علماً أن التدوين في فترة من الفترات كان لا يتخذ شكلاً معياناً، فجسم التدوينة يمكن أن يكون نص متلاصق يعرض رأي، ويمكن أن يكون مقطعاً لأجزاء.. فيما عدا ذلك، من خلال هذه التدوينات ولما تبقى من زوار وأشخاص يتابعون المدونات بشغف.. سأكتب عن ما أقرأه، وأشاهده وأتعلمه.

قرأت.. عن المدينة الفاضلة:

من المصطلحات التي أسمع بها وأعتقد أنها لذيذة، فترة طويلة أقرأ في هذا المفهوم لكن لا أركز به، لكن عادةً ما يتم طرحه وقت الحديث عن مكان يغوص بالإيجابية بشكل ما يشبه مسرحية أحمد أمين (شيطانكو)، التي صور فيها الكاتب مجموعة من الشياطين توسوس لسكان قرية أقرب ما تكون للمدينة الفاضلة، تعيش حياتها بشكل مثالي، لا بل تغرق بالمثالية.

وفعلياً هذا التصور في السطور السابقة وفي بالي لا يختلف كثيراً عما وجدته على موسوعتي ويكيبيديا وموضوع عربي، إذ أن أفلاطون يرى أن للفلاسفة وحكمتهم أحقية في قيادة المدينة الفاضلة التي يكون كل شيء فيها معياري أو مثاليّ، يسود الخير في هذه المدينة، ويكون لكل شخص حقه على اختلاف شكله وجنسه وجنسيته، بعيداً عن الروتين وسوء التعامل، وتحقق هذه المدينة مستوى حضاري في الأداء الخدمي الحكومي والخاص.

لكن إن عزلنا نفسنا عن واقعنا ووجهة النظر السلبية… إلى أي مدى يمكن أن تكون المدينة الفاضلة موجودة؟ دائماً ما يقال أصابع اليد العشرة ليست مثل بعضها، فالمجتمع يوجد به الصالح والطالح، يوجد به المحسن والكريم ويوجد به البخيل (على اختلاف دينه ومعتقداته)، يوجد به الشرير والمحب للخير.. فإلى أي مدى يمكن أن تكون المدينة الفاضلة موجودة؟.

شاهدت.. المرآة السوداء أو Black Mirror:

لا أنكر إلى فترة طويلة كنت أرفض حتى مشاهدة دقيقة واحدة من أفلام الخيال العلمي كون الأكشن والكوميديا  تستهويني من بين سلاسل الترفيه جميعها، إنما مسلسل Black Mirror غير وجهة نظري كلياً!.

الآن… لا أنكر أن مسلسل Black Mirror من أفضل ما شاهدت على الإطلاق، غير المسلسل قناعتي نحو تصنيف الخيال العلمي بشكل يدفعني لأن أنصح أي شخص بمتابعته، الحبكة القصصية الرائعة، استشراف المستقبل وتصوير الواقع بشكل طريف أحياناً هو ما يعرضه Black Mirror ومهما حاولت الشرح ربما لن أوفيه حقه (كما أعتقد أن الأشخاص الذين شرحوا المسلسل لي عانوا من النقطة ذاتها).

ما هي الحلقات التي أعجبتني فعلياً؟ واحد من الحلقات التي أعجبتني كانت حلقة الروبوت وتطوره لأن يحل محل البشر، إضافة إلى الحلقة الأخيرة التي صورت الاختراعات العلمية والتمتع بلذة الألم (وربما يكون هذا المفهوم أوسع بكثير من الذي عرضه المسلسل)، إلى جانب الحلقة التي تناولت تلك الشريحة التي تُزرع في الرأس وتعرض لك الذكريات مما يجعل من النسيان أمر من الماضي، كما يجعل من تلك الشريحة مصدراً لإثبات البراءة أمام السلطات عندما تعرض كل ما سجلته العين البشرية أمامها.. المهم حاولوا أن تجدوا وقتاً للمسلسل وستستمتعون حقاً :).

إقرأ أيضاً:  ما علمتني إياه 2018

تعلمت.. عن الذكاء العاطفي:

واحد من المصطلحات التي كنت أستمع لزميلي في عمل سابق وهو يتحدث عنها بسخرية ولم يدفعني الفضول نحو التعرف عليها، إلى أن تم تطبيقها ضمن تدريب داخلي في العمل الجديد.

ينتابني أحياناً شعور أن قاعدة في مكان ما من هذه الدنيا ليس بالضرورة أن تنطبق في على مكان آخر لاختلاف الظروف وطبيعة الأشخاص وطريقة التفكير، فمثلاً إن أردت تبسيط مفهوم الذكاء العاطفي هو تقبل الأمور المزعجة والمسببة للغضب في المنزل والعمل وفي كل مكان، والتعامل معها بشكل هادئ وإيجابي… هل فعلياً يمكن أن يتم ذلك؟ هل ذلك ربما يمكن أن يتحقق في المدينة الفاضلة؟

في المقابل… لماذا لا نبتنى مفهوم حجرة التكسيرالتي أوجدتها الصين والتي تساعد على تنفيس الغضب (أمر واقع فعلياً) والتشفي بالأشياء إن صحت التسمية؟ المذهل هو أني بحثت على غوغل فوجدت أن العديد من دول العالم طبقت الفكرة بما فيهم ألمانيا!.

تذكرت.. عن طور التفاخر بالعمران:

واحد من العناوين التي أذكرها مع كل خبر وافتتاح برج أو مبنى مهيب هو طور التفاخر بالعمران الذي ذكره ابن خلدون في الأطوار التي تمر بها الدولة نحو خرابها، واللذة في كتابات ابن خلدون هو أنه يوصف الواقع الذي نعيشه اليوم بحذافيره مع فروقات بسيطة حسبما أعتقد أهمها التسارع التقني الذي نعيشه.

كما أن واحدة من الأمور التي كانت تجعلني أحكم على دولة ما هو مقدار حرية الرأي بها، فانتقادي لدولة من الدول على تسويق نفسها وتفاخرها (بالمباني العالية) كان من باب أن كل ما يسمى بالتطور هذا يخالفه واقع بائس هو غياب حرية الرأي، لكن ابن خلدون يقول لنا أن “قوة الدولة وتقدمها العمراني «الحضاري» لا يُقاس بمقدار ما يتوافر لها من معادن كالذهب والفضة، وإنَّما يكون نتيجة لقدرتها على الإنتاج الذي يجلب لها الذهب والفضة” مصدر.


في حال وصولك لهذا السطر فشكراً لقراءتك هذه التدوينة 🙂 .. إن أعجبتك، لا تنسى مشاركتها مع أصدقائك

شارك هذه التدوينة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *