هل الفيديو القصصي ذو قيمة مضافة؟

مع ازدياد انشغالاتنا ومما رافقها من قلة انتباه ظهرت مقولة تفيد بأننا كمستخدمين للويب ننجذب لأي شيء في العشر ثواني الأولى وبعدها إما نعجب به ونستمر بمتابعته (إن كان فيديو)، أو قراءته (إن كان مقالة)، لكن فعلياً هل هذه قاعدة؟ وهل يجب ألا تُكسر؟

واحد مما عزز فكرة انتشار الفيديوهات السريعة هو موقع Buzzfeed، فعلياً لا أعلم من بدء بها لكن أذكر أنه Buzzfeed هو أحد من تبنوها ودعموها، إنما الفكرة السيئة أنها باتت مستنسخة، مستهلكة، والكثير بات يقلدها تقليداً أعمى، فتتصفح فيسبوك أو تويتر حتى تجد أن موضة الـ Youtube Show باتت في كل صفحة ومؤسسة إعلامية، ناشئة أو قديمة في هذا المجال!.

ومن الأمور التي دفعت بذلك للأسف الشديد هو المقياس الخاص بفيسبوك للفيديو، إذ أن فيسبوك حتى يدفع منشئي المحتوى للاتجاه نحو منصته بدلاً من اعتمادهم على يوتيوب هو أنه قام باحتساب المشاهدة عند الوصول للثانية الثالثة، وهذا من شأنه أن يحتسبها كمشاهدة عندما المرور بفيديو أثناء تصفح آخر المنشورات (في حال كان قد فعل التشغيل التلقائي للفيديو)، الأمر الذي يؤدي لاحتساب المشاهدة حتى أحياناً دون انتباه، في مقابل مايقوم به موقع Youtube باحتساب المشاهدة عند الوصول للثانية الثلاثين.

لكن لنعود للسؤال الذي طرحناه في العنوان هل للفيديو القصصي، أو السردي، أو سمه ما شئت.. هل له قيمة؟

فعلياً الإجابة وسطية.. فمادمنا نشاهد الفيديوهات ونحن رؤسنا أو ما دمنا في المواصلات أو في أماكن تصعب بها المتابعة فالفيديو السردي هذا يلبي حاجتنا للمعلومات لكن لا يلبيها للمعرفة، فهو يشبه وجبات الطعام السريعة التي تبيعها المطاعم يمكن أن تسكت الجوع لكن ليست دائماً لذيذة، إذ أنه من الظلم أحياناً أن تختصر قصة في ثواني معدود أو دقائق سريعة جداً، ناهيك عن ذلك، هذه الدقائق مهما احتوت من معلومات لن تعطيك المعرفة كاملةً وهنا أعود لنقطة أنه لا يلبينا في المعرفة.

إلى جانب تلك السلبيات، موضوع التشويش الذي تلعبه الموسيقى والمؤثرات وانتقالات العناوين تجعل من الصعب فعلياً التركيز في القصة أو تذكرها.. (هل تتذكر قصة ما بشكل كلي بالرغم من قصر مدتها؟).

لكن هل الأمر كله سلبي؟ لا تماماً، إيجابية الفيديو السردي أنه جميل، بصرياً من الممكن أن يجذب الناس جنباً إلى جنب مع الموسيقى والحركات أو التنقلات، من شأنه أن يحقق ميزة تسويقية لمنشئ المحتوى أو المؤسسة التي تعمل عليه، كما من شأنه أن يخلص تفاعلاً من قبل الجمهور لاسيما إن كانت القضية التي يطرحها الفيديو شائكة للغاية.

إقرأ أيضاً:  التصميم يحل مشكلة!

وإلى جانب ذلك قصر الفيديو قد تكون ميزة إيجابية وسلبية في آنٍ معاً، إذ من الصعب أن تتابع فيديو طويل وأن تكون مُركزاً إن لم تكن أما شاشة تتخذ وضعية تستريح بها وتمكنك من متابعة الفيديو، إضافةً إلى ذلك قد تخلق بعض من المؤثرات والانتقالات نوعاً من جذب الانتباه يأتي إثر تغيير تسلسل الفيديو الأمر المشابه بجذب المتابع إثر تغيير الأحداث وسردها في الأفلام.

مستقبل الأخبار

أعتقد أننا اليوم في عصر صار فيه من الصعب الجلوس أمام التلفاز والمتابعة، خصوصاً مع تزايد استخداماتنا للهواتف الذكية والتطبيقات التي باتت توفر لنا كل الأخبار وتحدد لنا مانراه وفقاً لخوارزمياتها، فعلياً يمثل الفيديو القصصي جزءً من مستقبل الأخبار جنباً إلى جنب مع فهم تلك الخوارزميات لرغباتنا واهتماماتنا، مانميل لمشاهدته وما ننفر منه ونتجاوزه، الأمر الذي سيؤدي لتلاشي متابعة التلفاز شيءً فشيء.

فلنفكر فيها قليلاً.. إن كنت تمضي وقتك في غالبه بالعمل أو الدراسة، تعود للمنزل تتناول الغداء أو العشاء، تؤدي التزاماتك تجاه عائلتك، تتسلى قليلاً، تقرأ أو تستخدم الهاتف، أو تشاهد فيلماً ما.. كم سيأخذ التلفاز من وقتك خلال دورة يومك هذه كاملةً؟ لا أعتقد كثيراً.

التحدي الذي يبرز اليوم أمام وسائل الإعلام هو أن تجد طريقة تكون فيها قريبة من الجمهور وأن تكسب تفاعله، وفي المقام الثاني هو أن تتميز بهذه الطريقة والتي ستكون بمثابة استثمار لدى وسيلة الإعلام في قطاع الإنترنت، وهذا فعلياً متواجد في مؤسسات تستشرف المستقبل وتعتمد على ما تقوله الدراسات والأبحاث في ذلك، لا أن تلجأ للتقليد كما هو الحال لدى بعض قنوات التلفاز التي ذهبت لاستنساخ تجارب وهويات الغير الأمر الذي أدى لمشاهدة المحتوى ذاته مع فارق بالشعار والألوان.

هل تعتقد أن الفيديو القصصي أو السردي ذو قيمة مضافة؟ نعم أم لا؟ ولما؟

شارك هذه التدوينة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *