الخصوصية الضائعة.. أنت لست بحاجة لمشاركة كل شيء!

قد يضيفك شخص ما على أحد الشبكات الإجتماعية، وتتفاجأ بعد ساعة أو ساعتين من الإضافة بأنه يقوم بالإعجاب والتعليق على منشورات قديمة لك، صور قديمة، مقاطع فيديو وما إلى ذلك، وقد يصيبك نوع من الإنزعاج من مبدأ (هل يفتش هذا في حسابي الشخصي؟).

لكن لو راجعت الأمر من جديد.. لم الإنزعاج إن كان قرار نشر تلك التفاصيل من حياتك قد أخذته وقت نشرها دون أن تشعر ربما!، إذ أن الشبكات الإجتماعية لديها عامل مغري على النشر باستمرار، حتى ربما يصبح الأمر جزء من شخصية المستخدم دون أن يشعر، فما تشعر إلا أن قام أحد الأشخاص نتيجة الملل وصور شيء ما أمامه ليضعه على حساباته.. ربما طمعاً (بالتفاعل) وربما بسبب الملل نفسه.

الشبكات الإجتماعية هي بمثابة نافذة صغيرة على بيوتنا وحياتنا الشخصية، منها يمد أي شخص يده ويفتح الباب ليعرف ماذا تفعل، ماذا تأكل إلى أين تذهب، أين أنت بالفعل، وماذا تخطط ربما.. وكل ذلك دون دراية منا.. لسبب بسيط هو أننا نستخدمها دون إحساس وربما دون مراقبة.

في يوم من الأيام قمت بتنزل سناب تشات أو كما يحلو للبعض تسميته بالشبح الأصفر، والذي تختفي منه منشوراتك بعد 24 ساعة من نشرها، قمت بتنزيل التطبيق واستخدامه على مدار عدة أشهر أملاً في أن أحلل تجربة الاستخدام وأتعرف عليه بحكم عملي في مجال التسويق الإلكتروني، ومتابعتي لأخبار الإعلام الجديد عن قرب، وقد تابعت وقتها مجموعة من الإعلاميين الذين يعملون في وسائل إعلامية مختلفة.

ما وجدته وللأسف الشديد هو أن سناب تشات يحتوي ذات العامل في الشبكات الإجتماعية وربما هنا الأمر مضاعف، إذ أن تجربة الإستخدام التي صُمم على أساسها سناب تشات هي ما تغري بنشر المحتوى من كاميرتك، بحكم أن الكاميرا هي الصفحة الأولى والرئيسية للتطبيق، ثم تليها في الأهمية صفحة من تتابعهم وما ينشرونه، فإن كنت مثلاً تتجول في مكان ما، أو تأكل طبقاً ما، أو حتى تشرب مشروب، ستشعر دون إدراك أنك صورته ولو صورة سخيفة لتنشرها على سناب تشات.

إقرأ أيضاً:  الحقائق المرة.. الشبكات الاجتماعية ليست مجانية كما تظنها

أحد من جرب متابعتهم أذكر أنه كان يضع أتفه التفاصيل من حياته الشخصية، ماذا يلبس، ماذا يأكل، باب المنزل، إطلالة الشرفة، الشارع الذي يسكن به، صور مع أصدقائه المقربين، المواصلات التي يركبها، محطة الميترو التي يأخذها باتجاه العمل، مكان مكتب العمل، زملاء العمل، ساعة خروجه من العمل وفي أي مطعم يجلس أثناء إستراحة العمل.. بالله هل يحتاج مثلاً شخص يسرق المنازل لتتبع هكذا نوعية من الأشخاص على أرض الواقع وبإمكانه بكل بساطة أن يتابعه على سناب تشات؟.

لاحجة لنا بكل تأكيد، فالخصوصية أمر يغفل عنه الكثيرين بسبب حمى الشبكات الإجتماعية وحمى التفاعل الزائف الذي لا يقدم ولا يؤخر من حياة الإنسان سوى منحه الإكتئاب، فلتفكر قبل أن تضيف شخصاً أو (شخص ما يضيفك)، أن هذا الأدوات التي تربط ما بينكما هي في النهاية عامل يكشف حياتك على العلن لهم، وبالتالي.. فلا سر تكتمه أمام هؤلاء إلا إن قمت بمراجعة خصوصيتك وما تنشره هنا وهناك.

شارك هذه التدوينة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *