تمثل القيمة المضافة أحد أهم المزايا التي من الممكن للشركة أن تجعلها عنصر تسويقي هام تعتمد عليه في التميز عن بقية الشركات أو الخدمات، القليل من الشركات تأخذ هذا الأمر بالحسبان وبالتالي تعمل من مبدأ العمل فقط لا من مبدأ تخطيط استراتيجي وعمل نموذج عمل واضح يتبنى هذه القيمة المضافة.. حتى بمناسبة هذا الموضوع أذكر أحد مدرسينا للغة الإنكليزية الذي كان دائماً يسألن.. أين القيمة المضافة؟
البعض عند سماعه بكلمة القيمة المضافة يذهب تفكيره مباشرةً للقيمة الضريبية المضافة، لكن هنا نحن في معرض الحديث عن القيمة التسويقية التي تميز الشركة عن شركات أخرى، حتى ولو شابهت شركات كثيرة، لابد من إيجاد تلك الصيغة التي يجب أن تميز هذه الشركة عن سواها.
فلنأخذ مثال من سوق العمل التركي بحكم أني خبرته لسنوات عديدة (إلى حدٍ ما):
مثال من شركات القهوة:
لنغض النظر عن وجود سلاسل قهوة كثيرة ونأخذ مثال عن شركتين تتخصص بالقهوة ألا وهي ستاربكس واسبرسو لاب (التركية)…
شركة ستاربكس أغلبنا يعرف أنها عالمية، ونموذج عملها هي الخدمة الذاتية، إذ يدخل الزبون ليقف في طابور (أحياناً ما يكون طويلاً للغاية) ثم عند وصوله للمحاسب يقدم طلبه ليستلمه من الجهة الأخرى، يأخذ الزبون طلبه ثم يجلس ليقوم بعمل ما أو يلتقي بأحدهم أو يتصفح الإنترنت المجاني، وقد يقوم الزبون بالدفع من خلال تطبيق ستاربكس (هنا يعتبر التطبيق قيمة مضافة يتميز بها ستاربكس) أو قد يقوم الزبون بعمل طلبه وهو على الطريق من خلال تطبيق ستاربكس ليضمن أن يكون مشروبه جاهزاً عند الوصول (وهذه ميزة تعد قيمة مضافة)، جنباً إلى جنب تتوافر لدى ستاربكس مجموعة من المشاريب التي تختص بها الشركة أو تبرع بتنفيذها، فضلاً عن ابتكارها بهذا المجال على الدوام.
اسبرسو لاب هي شركة مقاهي تركية تشابه ستاربكس، لكن أحسنت عمل الـ Branding بشكل جميل للغاية، وبدأت بالنمو بشكل كبير ومذهب سواءً داخل تركيا، أو حتى داخل الأسواق العربية، إذ بات لها فروع في المغرب، والسعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن وألمانيا.
تقدم اسبرسو لاب فعلياً مشروبات مشابهة لفكرة ستاربكس لكنها تتميز بها إذ لا تمتلك القائمة نفسها من المشروبات، وإنما حذفت بعض المشروبات وأضافت القهوة المختصة مكانها!، والقهوة المختصة إن صح التعبير (هي صرعة) لاقت رواجاً كبيراً في السنين الماضية الأخيرة نظراً لحدة المذاق، ونقاء القهوة (المفلترة)، وقوة الطعم، ما جعلها قهوة تحظى بمريدين كُثُر، وبالتالي جعلها (قيمة مضافة لاسبرسو لاب)! . الأمر المدهش أن ستاربكس قامت بإضافة القهوة المختصة لكن ضمن فروع محددة ونادرة، وخصتها باسم starbucks reserve.
غالباً ما تكون القيمة المضافة هي استغلال لثغرة في القطاع الذي تنوي العمل به
مثال من شركات التوصيل:
سأضرب أيضاً نموذج آخر، تتعامل معظم مواقع التجارة الإلكترونية التركية مع شركات الشحن التقليدية، والتي تتكامل مع هذه الخدمات، وللأسف معظم شركات الشحن هذه إما تتأخر بتسليم الشحنة أو تقوم بتسليمها لشعبة بعيدة أو لا تعرف كمستخدم أو مشتري متى تأتيك الشحنة ومتى تكون في المنزل لتلقيها.
على الجانب الأخر دخلت شركة تسمى kolay gelsin (كولاي غالسين / تستخدم كجملة شكر وتترجم يعطيك العافية)، دخلت هذه الشركة سوق التوصيل والتنفيذ اللوجستي، وتتعامل معها شركة Amazon كشريك لوجستي داخل تركيا لتوصيل الطلبات، ما يميز هذه الشركة هي أنها حملة قيمة مضافة وحل لمشكلة (جئنا إلى المنزل ولم نجدكم) إذ أنك عندما تقوم بطلب منتج ما من أمازون سيكون لديك 3 خيارات بالنسبة للتوصيل من خلال شركة كولاي غالسين (ترك المنتج لدى جارك “باتفاق مسبق معه” وتحديد هذا الخيار من ضمن خيارات التوصيل، أو تحديد فترة زمنية تتواجد فيها داخل المنزل لاستلام الطلب، أو تحديد عنوان مختلف لاستلام الطلب)، فضلاً عن توافر تطبيق/ وموقع إلكتروني للشركة يمكنك من تتبع الشحنة بشكل مباشر من خلال الخريطة، كما أنه في يوم استلام المنتج ستأتيك رسالة نصية تخبرك بأن عامل التوصيل على بعد ساعتين من منزلك وتحتاج تأكيد وجودك في المنزل لاستلام المنتج.
تقريباً بكل هذه الخيارات مثلت كولاي غالسين (والتي يقال أنها ملك لشركة أمازون تركيا)، مثلت قيمة مضافة لا توجد عند شركات التوصيل الأخرى، أو سدت ثغرة موجودة داخل سوق الشركات اللوجستية.