شركة نوكيا والرهان على ميزة الكاميرا

لماذا لم يحقق رهان نوكيا على الكاميرا نتائجه؟

من الأمور التي أذكرها جيداً هو تركيز شركة نوكيا في عصرها الذهبي على الكاميرا وتطويرها لها، لاسيما أن نوكيا كانت اللاعب شبه الوحيد في سوق الأجهزة المحمولة (بالرغم من وجود شركات أخرى تطرح أجهزة جميلة)، إلا أن نوكيا كانت تقود الصناعة كما يقال في عالم الأعمال.

كلامي هذا ستعرفه جيداً إن عاصرت الباندا والدمعة وبقية الأسماء التي كانت متداولة حول أجهزة نوكيا اللامعة، سيما وأن نوكيا كانت تبتكر أشكالاً عجيبة كانت تلقى رواجاً كبيراً، أجهزة السحب والسحب المزدوج للأعلى والأسفل، الأجهزة القابلة للطي وميلان الشاشة وغيرها.. كل تلك الابتكارات كانت صرعة عظيمة في وقت ما قبل “أجهزة اللمس”.

لكن إن كنت فعلياً قد شهدت تلك الفترة ستجد أن نوكيا كانت تركز بشكل كبير على الكاميرا (ماتفعله اليوم شركة Apple تحديداً)، حيث أن تطوير الكاميرا في كل جهاز من أجهزة نوكيا لم يتوقف خصوصاً في الأجهزة باهظة الثمن، وحتى من الأمور التي أذكرها جيداً هو تعاون نوكيا مع صانع العدسات الألماني المعروف: شركة كارل زايس carl zeiss والتي كانت بعض الأجهزة تحمل توقيعها، في إشارة على مدى جودة العدسات المقدمة في الجهاز وللاستفادة تسويقياً من اسم كارل زايس.

المشكلة الحقيقية في وقتها يمكن إسنادها لنقطتين برأيي الشخصي من وجهة نظر متابع تقني:

النقطة الأولى: كانت أن نوكيا تقوم بتطوير الكاميرا وتستفيد من ذلك تسويقياً لكن في هواتف لا تمتلك نظام تشغيل ذكي، حيث أن الهاتف كان جامداً لايمتلك التطبيقات (بالمقابل كان هاتف iPhone بدأ يحظى بسمعته بكونه هاتف ذكي ويؤسس لهذا العصر، كما أنه كان قد بدأ بالانتشار خصوصاً مع مكتبة التطبيقات المتنامية) والتي توفر تجربة مثالية سواءً إن كنت تريد الهاتف للتصوير، أم للأعمال، أم للترفيه..الخ.

النقطة الثانية: والتي أعتقد بأهميتها أكبر هو مقدار النمو الحاصل في عالم التقنية، حيث أن فترة ما قبل 2010 لم تكن فترة ازدهار كبير للشبكات الاجتماعية وللصورة، لم يكن هنالك Tiktok أو Snapchat أو Instagram.. حتى أن مشاركة الصور والفيديو لم تكن كبيرة وقتها ولم يكن لها أية أهمية بمقابل مشاركة النصوص (التي كانت عصراً ذهبياً لتويتر بحد ذاته).

النمو التقني الذي حصل خلال السنوات العشرة الماضية كان دافعاً رئيسياً لتطوير شركات الهواتف المحمولة من مزايا الكاميرا، فاليوم أغلب المستخدمين يريدون صوراً جميلة، يريدون استخدام الفلاتر، والرقص أمام الكاميرا أو تصوير المقاطع الشخصية على تيك توك وغيره والتي تحظى بكل التفاعل اليوم، حيث أن بيئة هذه الشبكات أصبحت معتمدة بشكل رئيسي على الفيديو والصورة ولاغير.. وأصبح مصنعي الهواتف المحمولة حتى يركزون على خصائص الكاميرا على حساب خصائص وابتكارات أخرى من الممكن أن تجعل من الهاتف مثالياً أكثر من كونه هاتف “كاميرا وحسب”، وهذا ما نشهده فعلياً مع هاتف iPhone 13 pro الجديد والذي تركز أغلب المراجعات التقني له على يوتيوب على كونه هاتف بكاميرا جبارة ولا شيء آخر، وهذا فعلياً ما لم نعتد عليه من شركة تبتكر باستمرار مثل Apple، حيث كان كل هاتف تصدره بشكل سنوي يحمل مزايا متنوعة تجعل منه هاتفاً جذاباً، إلا أنه في هذه السنة لايعدو عن كونه هاتف بعدسات جميلة للغاية لمن يهوى عمل المحتوى ونشر الصور والمقاطع على الشبكات الاجتماعية.

 

شارك هذه التدوينة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *