عادةً حينما يقال الشيف التركي سيتبادر للأذهان اسمين مشهورين للغاية هما الشيف بوراك والشيف نصرت (أو نصر) بحكم شهرتهما الواسعة، إذ أن السوشيل ميديا وعالم الميميز جعل منهما أشهر من النار على علم كما يقال، أما إن ما بحثت في قصص وحكايا خلف مطاعم أخرى ستجد من الصعوبة أن تصل لنتيجة مرضية لاسيما إن كنت تبحث عم من يحكي لك قصة خلف طبقٍ ما أو طبخة من الطبخات.
وأنا أبحث عن شيء يرتبط باسطنبول على نيتفليكس Netflix، وجدت اقتراح من سلسلة وثائقية أصلية من نيتفليكس في غاية الجمال باسم chef’s table، مكونة من 6 أجزاء، تحكي كل حلقة قصة طاهٍ من الطهاة وحكاية فلسفة الطاه نحو الطعام ومنهجه في ذلك، ضمن بيئة سينمائية غاية في الجمال تستعرض أطباق محلية شهيرة والقصص التي تدور حولها.
أعلم جيداً مقدار الإعجاب وعدد الناس الذين يتابعون بوراك أو نصرت على السوشيل ميديا، لكن ما تخبرك به هذه السلسلة أن عدد المتابعين الكبير هذا لا يعني بالضرورة أن هناك قصة ناجحة، فالكثير من المحتوى التافه يلقى رواجاً لا مثيل له على حساب المحتوى القيم والنافع.
تحكي حلقة الشيف موسى داغديفرين ضمن الجزء السادس قصة نشأته في مدينة نيزيب القريبة من الحدود السورية (مدينة تتبع إدارياً لولاية غازي عينتاب جنوب البلاد)، ثم تتابع الحلقة الوثائقية قصة الشغف الذي يمتلكه حول الطعام، ووصية والدته له في نقل كل تلك الأطباق للعالم والمحافظة عليها من جيل إلى جيل، كما تستعرض ذكرياته مع الانقلاب في تركيا، وقصص أطباق متنوعة من أعراق مختلفة اجتمعت على المائدة التركية، حكايا حول وصوله لاسطنبول والبدايات الشاقة والمرهقة وصولاً لتأسيسه مدرسة لتعليم فنون الطبخ في منطقة كوجلي بالقرب من اسطنبول.
قصة قصيرة عن هذه المطاعم على بساطتها لا تمتلك شهرة نصرت أو بوراك، لم تفتتح في دبي ومدن مشهورة ولم تقتنص وتصطاد بالفاشونيستا وكبار المؤثرين ومجتمع إنستغرام وملايين المعجبين، ربما لم يذهب تفكير هذه الأماكن بعيداً في التسويق والبراندينغ، لم يقدموا خبزة يكتب عليها اسمك من أجل مشاركتها مع متابعيك وأصدقائك، ولم يقوموا بقلب الكنافة في الهواء مع أو تقديم برغر مزيف ومغلف بالذهب.. ببساطة تقدم هذه المطاعم طعاماً لذيذاً للغاية ستكتشف قصته من خلال السلسلة.. وكفى.