يتصل بي صديق بعد غياب طويل ليطلب أن نلتقي، والموضوع هام على حد قوله، حتى أتت ساعة اللقاء كنت أتساءل لماذا يصرُّ على لقائنا هذا وهو الذي تجاهل أن نلتقي كل هذه الفترة الطويلة، وها هو ذا يخبرني بأنه يود أن يصبح يوتيوبر وصانع محتوى، لكن ليس مدفوعاً بتلك الإحصائيات التي تدرُس المحتوى العربي على الإنترنت وإنما بأهداف وأحلام أخرى، أولها أن تُدِر له الدخل الذي يحلم به بحكم ما يشاهده لدى “صناع المحتوى”، وآخرها.. ربما، العقود التي تُمطرها الشركات على هؤلاء في سبيل ترويج منتجاتها لجمهور الإنترنت.
يكمل لي صديقي عن مخططه ويسترسل في حديثه وكأن ساحراً قام بغسل دماغه وأقنعه بأن العملية سهلة للغاية، وأن آلاف الدولارات بانتظاره بضغطة زر، وملايين المعجبين ينتظرون فيديو منه يشرح عن منتج ما أو يصور تجربة، بالطبع لا ألومه في ذلك فصناع المحتوى في أغلبهم يُظهرون هذه الصورة النمطية، لا سيما أولئك الذين باتوا يجمعون في محتواهم مختلف أنواع الفيديوهات التي تتنوع ما بين التجارب واليوميات أو الـ Vlogs وبين استعراض المنتجات وأغاني الراب وما شابهها.
صورة نمطية سائدة وهالة براقة كرّسها هؤلاء من خلال ما يتفاخرون به على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تجد أحدهم فجأة قد انقلب حاله وبات يملك سيارات فارهة كان يحلم بامتلاكها وعقارات وعقود مع شركات يروج لمنتجاتها، وشركات أخرى لتنتج له محتواه، سياحة في البلد الفلاني، ورحلة على شاطئ لا نكاد نسمع باسمه لولا أن عرّفنا عليه من خلال عدسة كاميرته، هذا ما يدفع الكثيرين لأن يؤمنوا بهذه الفكرة ويتجهون نحوها مدفوعين في الغالب بدافع اقتصادي في الدرجة الأولى، وبدافع نفسي بحيازة مكانة مرموقة وحب الشهرة بالدرجة الثانية، والمشكلة تكمن أيضاً في أن المتلقي لهذه المنشورات تتكون عنده فكرة أن النجاح في صناعة المحتوى أو النجاح المبهر على يوتيوب مثلاً من الممكن أن يتحقق بضغطة زر واحدة أو بأيام قليلة دون عمل أو جهد في الإنتاج، ضاعف من ذلك فيديوهات ما يعرف بـ(استقلت من وظيفتي) التي يُنشئها هؤلاء والتي تدفع الكثيرين للمخاطرة بترك عملهم والتوجه للعمل على شبكات التواصل الاجتماعي دون حساب مخاطر هذا القرار، أو دون حساب نوع المحتوى وجودته الذي من الممكن أن يعملو عليه ومفاتيح النجاح في هذه الصناعة.
تابع قراءة التدوينة كاملةً على عربي بوست