في سوق مزدحم بالعلامات التجارية والشركات، تنفق الشركات الكثير من الأموال والجهد وعلى مدار سنوات حتى تصنع اسماً وشعاراً لا ينسى، وفي هذا الموضوع تتكامل عدة عناصر منها الشعار، خدمة العملاء ومدى رضى الزبائن عن ذلك، الهوية الصوتية، شكل الشعار ومدى انسيابيته، قوة الحضور وقوة الإنتاج الذي تعرف به الشركة التي تقف خلف العلامة التجارية، واللون.. لون العلامة التجارية واحد من أهم الأمور.
لو رأيت اليوم ألوان شعار شركة Google على شكل دوائر سيخطر على بالك فوراً Google، ذات الأمر بالنسبة لمايكروسوفت وألوانها الأربعة، البنفسجي وشركة Yahoo، الأزراق والزهري لموقع Flicker، الأزرق الخاص بفيسبوك، الأزرق الفاتح الخاص بتويتر، الأصفر الخاص بسناب تشات.. وعن هذا تضرب أمثلة كثيرة.
الشركات عند صناعة العلامة التجارية الخاصة بها تأخذ على عاتقها انشاء ما يعرف بالـ Brand Guidline أو دليل استخدام العلامة التجارية وفيه توضح الشركات المسموح باستخدامه كتناسق الشعار مع الخلفية، وتغييره للألوان الأحادية (الأبيض أو الأسود)، وتموضعه في حال كان جزء من الشعار كتابي أو Taypography، وغالباً ما توضع هذه المعايير إلى جانب معايير أخرى توصي الشركات/أو لا تسمح باستخدامها في غير أماكنها الصحيحة كاستخدام ألوان لا علاقة لها بالشركة ومخالفة للمبادئ التي وُضِع عليها بناء الشعار، وغالباً ما تعرض ضمن صفحات فرعية تسمى بالـ Brand Center أو Brand Guideline.
لكن فعلياً هل يجب أن تشذ الشركات عن المبادئ التي وضعتها؟ هل عليها أن تخالف تلك القواعد التي وضعتها بحق نفسها منذ النشأة وحتى مع التطور؟ هنا سأسلط الضوء على مثال قد يكون تحفيزياً لانتهاج هذه المخالفة ضد شروط العلامة التجارية بحكم المتابعة.
الناس أو الزبائن بتعاملهم مع العلامة التجارية بشكل يومي يعتادون على نوع من النمطية نحوها، على سبيل المثال رواد مقاهي ستاربكس اعتادوا على شعار ستاربكس باللون الأخضر والمعروف لدى الزبائن، لذلك ينشأ نوع من الروتين تجاه هذه العلامة التجارية لا يحدث أي فارق بالنسبة للزبائن، فالأمر قد ينتهي إلى حد أن يعتاد الناس على اللون والشعار وتقف المسألة عند هذا الحد.
إنما الأمر الذكي هو تغيير الشعار وقت الحملات الكبيرة، وقتما يكون هناك منتج يستحق أن يتغير لون شعار الشركة من أجله لكسر تلك النمطية أو الروتين الذي ساد عند الزبائن ليدفعهم للسؤال: لماذا غيرت ستاربكس شعاراها! هل هناك خطأ ما مثلاً؟ ويدفعهم الفضول أكثر للبحث ومعرفة السبب.
سنوياً في فصل الخريف تطرح ستاربكس مشروع (لاتيه اليقطين) أو pumpkin spice latte حيث تربط الشركة بين المنتج وبين فصل الخريف فقط، إذ لا تطرحه في غير هذه الفترة، فتقوم الشركة بتغيير لون صدريات العمال من اللون الأخضر الخاص بالعلامة التجارية لـ الون البرتقالي الفاقع، مع تغيير تصميم قائمة المشروبات وربطها بذات اللون وبألوان الخريف، وإدخال اللون على عدة أمور أخرى مرتبطة بالعلامة التجارية (كالمطبوعات مثلاً) مما يمهد أكثر لمعرفة الناس عن المنتج الجديد الذي طرحته الشركة.
أما تغيير لون الشعار فقد قامت به الشركة مؤخراً في حملة تسويقية لمدة محدودة، حيث تغير لون شعار ستاربكس للأسود في دلالة على نوع جديد من حبوب البن الحلوة التي باتت تستخدمها الشركة في مشروبات محدودة كالـ Latte والـ Flate White بدلاً من المُرة، الأمر الذي أثار الفضول لدى رواد ستاربكس للبحث ومعرفة أكثر وبالتالي الوصول للصفحة التي خصصتها الشركة للشرح أكثر عن ذلك ومشاهدة الفيديوهات التي تشرح عن نوع المشاريب التي تشملها الحملة.
ستاربكس هي نموذج تسويقي جميل للغاية ومن الممكن الإستفادة من هذا النموذج في الحملات التسويقية والتعرف على أمور مميزة في هذا المجال، إذ أثبتت الشركة أنه وفي حالات معينة يمكن كسر قواعد العلامة التجارية وتغيير لونها ولون العناصر المرتبطة بها في سبيل إنجاح الحملة ونشر الوعي بها بشكل أكبر، وهذا ما يدفعنا أن نستفيد من تجربة ستاربكس في ذلك لتطبيقه في حملات مشابهة إلى حدٍ ما.
إن أعجبتك هذه التدوينة أو ترى بأنها مفيدة قم بمشاركتها مع أصدقائك