هوس المشاركة.. لماذا نميل لمشاركة كل شيء على الشبكات الاجتماعية؟

ينشر أحدهم إنجازاته، بينما يتفاخر الآخر بعلاقاته، ذلك ينشر ما يشربه وآخر يصور لك طبق الأطعمة.. هذه حالة أصبحت اعتيادية على الشبكات الاجتماعية التي باتت مليئة بالمحتوى من مختلف الأصناف، فتجد التافه والمفيد قد اجتمعوا في خط زمني واحد حددته لك خوارزميات الشبكة بناءً على تفضيلك وتفاعلك مع ما يعرض لك من محتوى، تلك الخوارزمية التي يقال باتت تعرف عنك أكثر من ما تعرف أنت عن نفسك. لكن فعلياً لماذا نميل لمشاركة كل شيء؟

تتفاخر إحداهن بأنها قللت استخدامها للشبكات الاجتماعية إلى حد كبير رغم أن نشاطها على الشبكة الاجتماعية يظهر عكس ذلك وقد لا يعدو عن كونه من باب استعراض الإنجازات التي في غالبها وهمي من مبدأ صُنع الهالة حول اسمها وملفها الشخصي، على الجانب الآخر أسرة سعيدة على يوتيوب تصور الكبيرة والصغيرة من حياتها الخاصة (لا أظن أنها باتت خاصة مع كم النشر الهائل على الشبكات الاجتماعية) حتى بات من السذاجة مثلاً لقريب من تلك الأسرة أن يسأل عن أخبارها، يكفي أن يستعرض ماتنشره من فيديوهات ليعرف كل شيء، وآخر لايترك شيء يفلت من عدسة هاتفه إلا وأن يلتقطه لدرجة لا أن من سيسرق منزله لايحتاج لتخطيط كبير إذ أنه ينشر متى يخرج وإلى أين وأين يستمتع ويقضي وقته، هل تلاحظون كم الخصوصية التي فقدناها مع استخدام الشبكات الاجتماعية، وأية خصوصية بالأساس إن لم يبقى منها شيء!؟ ومع ذلك لماذا نميل للمشاركة ونستمر في ذلك؟ لماذا يجب / أو / نعطي رأينا عن كل كبيرة وصغيرة من خلال الشبكات الاجتماعية؟

الشبكات الاجتماعية مصممة لذلك

فعلياً.. فعبارة ماذا يدور في ذهنك، /أو/ بماذا تفكر (على فيسبوك) /أو/ ما الذي يحدث؟ (على تويتر) هي مصممة كتجربة استخدام لتسهل عليك إبداء رأيك والمشاركة في كل شيء، فتصفح أحدهم للتريند على تويتر سيدفعه لإبداء رأيه، إذ أن العملية بسيطة مجرد كتابة / ثم / نشر.

الآراء موجودة لدى البشر من قبل وجود الشبكات الاجتماعية، الفارق هو أن الشبكات الاجتماعية سهلت ذلك ووفرت مساحة لكل شخص لـ يبدي رأيه ويعلق ويهتم ويتابع، زاد من ذلك آلية التفاعل التي ولدت شعور الرضا والإعجاب بالنفس عند كل فرد مع (كثرة الإعجابات والتعليقات والاهتمام الذي يدور حوله) وما يلحقها من إفراز الدوبامين والشعور بالسعادة.

إقرأ أيضاً:  كيف غير تطبيق إنستغرام مفهوم التصوير؟

التسويق الشخصي، وفي عبارة أخرى (البهورة)

أحدهم يسوق لنفسه مثلاً على أنه محترف في الصنعة الفلانية، فالسبيل الأمثل لذلك يتكون في وجوده أو حضوره الإلكتروني على هذه الشبكات. وإلى جانب طريقة التفاعل التي صممت لتشعر الشخص بالرضا، أصبح حب الشهرة أمر يتسابق عليه الكثيرين على الشبكات، فعززت الأخيرة بدورها فكرة حب الظهور، مما جعل صوتاً داخلياً يتولد لدى الشخص يدفعه لأن يدلي دلوه في كل شاردة وواردة، وفي كل كبيرة وصغيرة، نحو أي قضية يسمع بها أو يشاهد الناس تتكلم حولها.. وفي النهاية حب الظهور هو الدافع الأكبر في ذلك.

في المقابل تجد أشخاص لاتميل للمشاركة، وإنما تكتفي بالتفاعل والقليل من التعليق، وظني أن هذه الفئة ترتكز على الشبكات الاجتماعية فقط من باب التواصل مع الأقرباء والأصدقاء.

المعضلة الاجتماعية

في ضفة أخرى، Netflix أنتجت وثائقياً يستحق المشاهدة باسم “المعضلة الاجتماعية” وهو يركز على جانبين الأول هو فرط استخدامنا لشبكات التواصل الاجتماعي، والثاني ربح هذه الشركات من بياناتنا وإدارتها لها.

لاشيء مجاني.. استخدامك لهذه المواقع ليس بالمجان.. إذا لم تدفع ثمن المنتج فأنت المُنتج

يقول Jeff Seibert وهو مدير سابق للتطوير في شركة تويتر: أن كل إجراء تتخذه على الشبكات الاجتماعية مراقب كل اجراء الصورة التي تتوقف عندها وكم تتوقف عندها، يعرفون حين يشعر المرء بالوحدة أو الاكتئاب، يعرفون حين يشاهد الناس صور أحبابهم السابقين، يعرفون ما ؤفعله المرء في الليل وكل شيء، سواء كنتم إنطوائيين أو منفتحين، نوع اضطرابك العصبي وشخصيتك، لديهم معلومات عنا أكثر مما نعلمه عن أنفسنا.
هناك ٣ أهدف عند شركات التكنولوجيا: ١: التفاعل لزيادة استخدامك ومواصلة الابحار بالمحتوى، ٢: النمو الذي يجعلك تعود وتدعو الكثير من الأصدقاء، ٣: الإعلانات والتي تدر الدخل والأرباح على هذه الشركات. كل هدف من هذه الأهداف مدعوم بالخوارزمية للتأكد من نجاحها معك كمستخدم.

شارك هذه التدوينة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *