الربح من الإنترنت والمفاهيم الخاطئة التي يجب أن تتعرف عليها

صارت كثيرة هي المقالات التي قرأتها، أو الإنفوجرافيك الذي شاهدته على الشبكات الإجتماعية والذي يتحدث عن الربح من الإنترنت، وللأسف، تسويق هذا الأمر أصبح سخيفاً للغاية إذ تروج بعض المقالات له على أن الربح من الإنترنت هو أن تضع قدم فوق أخرى وتشاهد عداد الأموال يزداد بنفسه دون أن تفعل أي شيء.

وفعلياً العمل على الإنترنت مشابه لأي عمل آخر يحتاج لجهد إنما هنا الواقع أن الجهد الفكري أكثر من الجهد العملي، كتقديم خدمات معينة، أو تقديم استشارات متعلقة بمسألة ما.

وآلية الربح من الإنترنت أيضاً تختلف باختلاف المنصة أو العمل الذي تقوم به، فمثلاً هناك المنتجات الرقمية التي تباع، وهناك المنتجات الرقمية التي تبيعها وتحتاج لتسويق وجهد كبير من أجل أن تسمع الناس بها، وهناك تقديم خدمة معينة على الإنترنت لقاء مبلغ معين، وهناك تقديم خدمة معينة بعد بذل جهد ولقاء مبلغ معين أيضاً (كأن تقوم بتصوير مشاهد خاصة لمشروع ما مثلاً)، وهكذا تتنوع الخدمات..

البيئة الإفتراضية مليئة بالمنصات والأفكار وهنا سأستعرض الآلية فقط دون الخوض في نتائجها:

الإعلانات:

كمثال على ذلك لو كان لديك موقع ذو ترتيب قوي وعدد زيارات كثيرة، فهنا الآلية نوعان إما أن تبيع مساحات إعلانية بعد إقناع المعلن بمدى قوة الموقع وعدد زياراته وهذا نوع مازال له راغبين إلا أنني أتصور أنهم قلة نوعاً ما، أو الإعلانات التي تعتمد على شبكة Google الإعلانية وهي لحد اللحظة أقوى شبكة إعلانية في العالم (ربما تغلبها فيسبوك بيوم ما)، وهنا الأمر يتم بتوفير مساحة تعرض الإعلانات دون التدخل منك في نوع الإعلان وشكله (باستثناء تجنب إعلانات معينة حسبما أعتقد).

وكمثال آخر عن الآلية ذاتها، هناك مثلاً مشاهير في الشبكات الإجتماعية ممن يمتلكون عدداً كبيراً من المتابعين، وهنا يقوم هؤلاء بالإعلان عن منتج لقاء مبلغ معين، من الممكن أن يراه عدد كبير من المتابعين (هنا الشبكات الإجتماعية لديها خوارزمية ذكية لتحديد ما إن كان ذاك إعلان بالفعل) وبالتالي تقلل من وصوله!، إلا أنها طريقة متبعة وتثبت نجاحها (مثلاً المغنية الأمريكية كيتي بيري) تمتلك على تويتر وحده ما يزيد عن 105 مليون متابع (أكثر من عدد سكان مصر) ولديها على إنستغرام أكثر من 67 مليون متابع، تخيل مثلاً لو وضعت إعلان لمنتج ما ثم أشادت به ونال إعجابها.. كم سيكون الإعلان مؤثر مع هكذا عدد من المتلقين (المحبين) إن صحت التسمية؟.

بيع المنتجات الرقمية دون تسويقها:

الإنترنت مثلما يمثل عالماً للتواصل وعالماً غير محدود لكل شيء تقريباً، يمثل أيضاً أسواق رقمية من خلالها تكون قادر على بيع المنتجات (غير الملموسة) فمثلاً بيع الأغاني (لو كنت مغني)، بيع التصاميم القابلة للتعديل، بيع قوالب المواقع الإلكترونية، بيع قوالب السير الذاتية، بيع الصور، بيع الموسيقى التصويرية..

إقرأ أيضاً:  تطوير الخدمات أحياناً أهم من الخدمة نفسها

وهنا الخيارات غير محدودة، على سبيل المثال يمكن لفرقة موسيقية من فرق الشوارع تأليف ألبومات وبيعها كموسيقى تصويرية مثلاً وهنا تضمن هذه الفرقة أن يتم التسويق لاسمها في عمل فني معين، وبنفس الوقت تضمن الربح من خلال بيع إنتاجها.

ذات الأمر مثلاً لو افترضناه لبيع مشاهد تصويرية لمدينة ما من الممكن أن يكون هناك طلب عليها مثلاً باريس، من الممكن أن أحداً ما في العالم يريد مقاطع ذات جودة عالية ولا يريد سرقتها من يوتيوب كما يفعل البعض، فلا سبيل لذلك إلا لشراء تلك المشاهد من المواقع المختصة بهذا الأمر.

وفي هذا السياق تلعب المواقع هذا الدور التسويقي للمحتوى مثل Envato و Videoblock و Shutterstock فهنا ما على المنتِج سوى طرح منتجه على تلك المواقع التي ستستضيفه وتسوق له، ثم تشاركه الأرباح بعد خصم الضرائب منها.

بيع المنتجات الرقمية وتسويقها من المُنتِج:

وهنا يقع الأمر على عاتق صاحب المنتجات الرقمية لتسويقها، فالمواقع التي تحتوي المنتجات الرقمية هنا ليست أكثر من مستضيف لملف المُنتج الرقمي، تحتوي على صور منه وتعريفه وبروفايل المُنشئ لهذا المنتج، أما أن يبحث الأشخاص ضمنها عن منتجات فهذا ليس متاح.. كل ما تلعبه هو أن تحتفظ بمنتجك وصفحة تعريفية به.

وهنا يأتي دور تسويقه فمن الممكن أن يكتب صاحب المنتج حول منتجه في مدونته، أو إن كان صانع فيديو ذو شعبية من الممكن أن يتحدث عنه باستمرار في فيديوهاته، أو إن كان لديه جمهور متابعين كثر بإمكانه الحديث عنه على تويتر مثلاً.

تقديم الخدمات لقاء مبلغ ما:

وهنا تتنوع الأشكال لتقديم الخدمات:

– تقديم خدمات لقاء مبلغ ثابت كمنصة Fiverr ومايقابلها عربياً كـ خمسات.

– تقديم الخدمات لقاء مبلغ غير ثابت (كفكرة المناقصة) أو لقاء اتفاق ما بين صاحب الطلب ومنفذه وهنا مثال موقع Freelance ومايقابله عربياً مستقل.

– وربما أضيف شكل يتبع للنوع الثاني وهو أن يقوم أحد ما بصناعة ماتريده وتجهيزه وإرساله لك، كأن تحتاج لقطعة موسيقية خاصة بفيلمك وتحتاج نوع معين لم تجده لذا توظف أحدهم لـ يلحنها وينتجها ثم يعطيك إياها إفتراضياً.


إذاً من خلال الأشكال السابقة يتبين، أنه لايوجد ربح من الإنترنت دون بذل مجهود بالمطلق!، ومسألة أن تضع قدماً على قدم وتنظر لعداد الأرباح هذه وهمية ولا تحدث إلا في حال كنت وريث أحد الأغنياء مثل بيل غيتس أو ما يشبهه.

شارك هذه التدوينة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *